سحب الجنسية من المقاومين والأوسمة للعملاء
د.نسيب حطيط
بمناسبة ذكرى شهداء قادة المقاومة الذين يمكن أن ينبش قبورهم وكلاء العملاء نتيجة إنقلاب الصورة في لبنان ،ليصبح المقاوم متهماً والعميل للعدو وطنياً، يجب شكره وتهنئته ومبايعة الجاهل محاضراً بالمتعلم ونظيف الكف درويشاً ساذجاً.
طالب أحد النواب بسحب الجنسية من المقاومين ضد التكفيريين في سوريا دفاعاً عن لبنان وعن الإنسانية بمذاهبها وطوائفها وكان هذا النائب قد تقدم عام 2011 بإقتراح قانون عفو عام عن العملاء الفارين إلى إسرائيل بعد تحرير المقاومة للجنوب وتحميله الدولة مسؤولية عمالتهم وتبرئة العملاء من أحكام المواد 273 و 298 من قانون العقوبات ( حمل السلاح والتجنّد في صفوف العدوّ، وارتكاب العدوان، والانخراط في جمعية ذات طابع دولي من دون إذن الحكومة، والتي تراوح عقوباتها بين الأشغال الشاقّة الموقّتة والإعدام ) وفي قراءة لتاريخ حزبه السياسي ، فإن العلاقة مع العدو الإسرائيلي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي قبل إحتلال الجنوب عام 1978 ،و تحت عنوان التعامل مع الشيطان لحماية الوجود المسيحي من البحر الإسلامي وفق ما قاله الرئيس كميل شمعون في رسالته إلى مناحيم بيغن ناصحا له (:“فرض علينا الفرنيسون لبنان الكبير وضموا إلينا الأراضي المأهولة بالمسلمين، لقد كان ذلك سبب جميع العلل والشرور، فلا تحتفظوا بأرض مأهولة بالمسلمين وتجنبوا هذا الوضع وإلا ستبتلون بالمشاكل عينها! ) وصولاً للتحالف بين بشير الجميل والعدو الإسرائيلي بإجتياح عام 1982 وحتى لا يفسر البعض أن الصمت عن جرائمه لحفظ للوحدة الوطنية يعني تنازلاً عن الحقوق بما يمنحه الجرأة على التطاول على المقاومين عمد البعض لإستقبال عراب اتفاق 17 ايار ، مما أعطى صك براءة إعلامية للعميل أنطوان لحد الذي كان محمياً من الكتائب والجبهة اللبنانية، فإذا تم العفو عن المسؤول ... فلماذا يتم محاسبة العملاء الصغار؟ والأهم أنه استقبل على بعد أمتار من معتقل الخيام طعناً لكل من ذاق طعم الجلد والتعذيب والإهانة فيه.
ومع ذلك لا بد من الإعتراف بعيدا"عن التكاذب اللبناني المقيت ،بأن في لبنان ثقافتين متناقضتين على المستوى السياسي،واحدة ترى إسرائيل عدواً وأخرى تراها صديقاً وجاراً وحليفاً ....واحدة ترى سوريا وإيران حلفاء وأصدقاء وأخرى تراهما أعداء بناء على مفاهيم وسلوكيات تاريخية فتتلون القشرة السياسية الخادعة بلون الوحدة الوطنية المليئة بالمجاملات وفي الباطن صورة معكوسة تظهر الآخر خصماً لا بد من التعايش معه على مضض وإكراه.
أضحت المياومة السياسية الهيكل الأساس الذي تبنى عليه التحالفات والخصومات السياسية، بما يسمى التكتيك السياسي تجاوزاً للمبادئ والثوابت تحقيقاً للمصالح الآنية... ويبقى الأتباع من الأنصار والداعمين في حيرة من أمرهم فيصيحون دعماً لمواقف زعمائهم ضد هذا الطرف أو ذاك ثم يضطرون للإنقلاب على شعاراتهم الأولى والعودة للمحبة والأخوة لأن زعيمهم أو تنظيمهم قال ذلك.
أن الجمهور العام يمثل "المقطورة "التي تجرها "القاطرة" وهي لا حول لها ولا قوة وعندما تريد القاطرة - التنظيم أن تترك جمهورها أو شهدائها وجرحاها في قارعة الطريق ،فإنها تفعل ولا تستطيع المقطورة -الجماهير أن تفعل شيئاً.... لقد قال الإمام علي (ع) "لولا التقى لكنت أدهى العرب"، لكنه آثر الثبات على المبادئ والمنظومة الأخلاقية للدين وعندما اعتمد التسامح كان ذلك في سبيل الله وليس لمصلحة شخصية.
رفقاً بالشهداء في ذكراهم وللأسرى التائهين في مصاعب الحياة وللجرحى المعوقين وللأمهات الثكالى وللأيتام، فلنحفظ كراماتهم ونرد على من يتجرأ عليهم ويشتمهم دون اعتبار سياسي ومن يرى أن النصر بسبب التحالفات والمناورات السياسية فهو مخطئ... بل النصر من عند الله سبحانه... ومن يعتمد على الفولكلور السياسي كمن يقبض على الهواء ليواجه السيوف القاتلة.
الرحمة للشهداء... والعودة للأسرى... وسحقاً للمتطاولين.